Charcoal jar

Saturday, March 3, 2012

نهر في الذاكرة؟

إنّ الطريقة التي يكوِّن بها بعضُ الناس الصورَ في مسارح أرحامهم لا تسمح لهم قطّ بإدراك تعقيدات الصور التي يكوّنها أناسٌ آخرون، إلا على ذات الطريقة. إنَّ نهراً في الذاكرة لا يمكن أن يعني لهم إلا النهر الذي رأيتُه ذات يوم على الأرض وما زلتُ أتذكّره، استعارةً، على طريقة السؤال الجاري في الإذاعة والتلفزيون: نهر في الذاكرة؟: نهر عطبرة. مدينة في الذاكرة؟. جبل في الذاكرة؟. أما أن يكون نهراً جارياً بالفعل في ذاكرتي البشرية فهو عَصِيّ على إدراكهم، (إلا إذا كان هناك إذاً مكانٌ ما على الأرض يُدْعَى "الذاكرة"، ولنا جميعاً أن نزوره، فنرى نهره، وبركله، وبورسودانه!). تعجيزاً يقولون. وتحفيزاً نقول: (إنه موجود، هذا المكان الذي يُدعى الذاكرة، ولكم أن تزوروه). وحين يفتحون بأيديهم الأقواسَ ملحّين: (أين؟، أين؟)، وتوشك الصورة أن تقطف الرؤوس بمنجل، نتمادى فنذكِّرهم بما كان عليهم أن يذكِّرونا به، ما داموا يمرِّغون حواسّهم ناعمين على ساحل استعارة النهر في الذاكرة: تستطيع الذاكرة أن تكون وأن تحوي ما تشاء، جبلاً، مدينةً، نهراً، كوناً، وكل ما سبق، وغيره، و.... و"لكلّ شيء شجر"، كما قيل للنفّري، ونهر عطبرة.