أيقظني ارتجاج قويّ تحت العنقريب فانتفضت أنظر. اللعنة!، إنها هذه الغنماية الحمراء!، ماذا تفعلين عزيزتي!، أتحكّين ظهرك الحزين بعنقريبي الحزين؟. أنا أيضاً أريد أن أحكّ ظهري، إنه بعيد جداً، والمسافرون لا يجدون ما يحملهم إلى اللهاث، أكثرهم يفضلون السقوط في هاوية النور المتقطع بدلاً من انتظار قوارب الترحيل. أرأيت أولئك الملاعين الذين عادوا أمس؟، إنهم يشيعون عن اللهاث أموراً أعرف أنها ستعجّل بحتفنا. يقولون لا شيء ألذّ من العدم. بالطبع نعلم ذلك. لكننا فوجئنا، والحق يُقال. كنا نتنصّل من... ماذا؟، ألم تعلمي سلفاً؟.
أمعنت الغنماية النظر في وجهي للحظة كانت قصيرة حقاً لكنها سمحت لي باقتفاء آثار كلماتي على صفحة الليل بطريقة جديدة عليّ كلياً، ثم مضت تتسكع صوب لوح السماء السماوي. اغرورقت عيناي فرحاً وأنا أنظر إليها حمراء، كلها حمراء، تتجه بعزمٍ إلى طريق الأقمار الأبيض المتقطع وتمّحي في ذروة الطباشير.
أخشى أيتها الجليلة أن تكفّ القوارب عن المجيء، أخشى أن ينهدّ الرصيف من فرط المنتظرين، أخشى أن يردّ العدم التحية، أخشى أن نلذّ له كما يلذّ لنا.